بسم الله الرحمن الرحيم
أساتذتي الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا بد في البداية أن تقدم بخالص الشكر والتقدير لجامعة محمد الخامس على قبولهم استضافة هذا الملتقى وتقديم كافة الإجراءات والتسهيلات اللازمة حتى يحقق النجاح الذي نصبو إليه، والشكر موصول لسعادة المستشار الدكتور حاتم علي مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي والمستشار الدكتور ياسر رفاعي الرئيس التنفيذي لمركز حكم القانون ومكافحة الفساد في دولة قطر على كل الجهود التي بذلوها منذ سنوات وما زالت تُبذل لتطوير هذه المبادرة وتقديم كل الدعم لها.
السادة الحضور
اِنْتِشَارُ الفَسَادِ يُشَكِّلُ المُعْضِلَةَ الأُولَى فِي عَالَمِنَا العَرَبِيّ، كَمَا أَنْهُ العَقَبَةُ الكُبْرَى الَّتِي تَقَف فِي وَجْهِ التَّنْمِيَةِ المُسْتَدامةِ ورفاء الشُّعُوب، فَلَا يُمْكِن أَنْ تَحَدثَ أَيُّ تَنْمِيَةٍ فِي ظِلِّ الفَسَاد، فَهُنَاكَ بَعْضُ الدُّوَلِ، وَلِلأَسَفِ، تُقْنَعُ شُعُوبَهَا بِأَنَّ الأَمْنَ هُوَ الأَسَاسُ وَالمُنْطَلَقُ الوَحِيد، وَفِي سَبِيلِهِ لاَ بُدَّ لِلشُّعُوبِ أَنْ تُضَحِّيَ بِالكَثِيرِ مِنْ حُقُوقُهَا وَمُكْتَسَبَاتِهَا، وَلَكِنَّ الحَقِيقَةَ أَنَّ العَدْلَ هُوَ الذي يَجْلِبُ الأَمْنَ وَلَيْسَ العَكْس، وَهُوَ كَذَلِكَ يَجْلِبُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةَ وَلَيْسَ العَكْس، وَالدُّوَلُ لَا يَحْفَظَهَا إِلَّا العَدْلَ المُطَلَّق. فَهُنَاكَ دُوَلٌ تَدَّعِي الدِّيمُقْرَاطِيَّةَ وَهِيَ غَارِقَةٌ فِي الفَسَادِ، وَأَقُولُهَا بِكُلِّ صَرَاحَةٍ وَوُضُوحٍ أَنَّ بعض دُوَلُ العَالَمِ العَرَبِيِّ لَنْ تَسْتَقِرَّ مَا لَمَّ تَحَارَب الفَسَاد، وَأَنَّهُ، أَيّ الفَسَاد، سَيَقْضِي عَلَى هَذِهِ الدُّوَل مَا لَمْ تَتَّخِذْ إِجْرَاءَاتً فِي هَذَا الصَّدَد، فَالفَسَادُ يَحْتَاجُ إِلَى مواجهة حَقِيقِيَّةٍ، وَلاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ رَقَابَةٌ صَارِمَةٌ لِحِمَايَةِ المَالِ العَامِّ.
السادة الحضور
اهتمت المُنَظَّمَةُ الدُّوَلِيَّةُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ بِمُكَافَحَةِ الفَسَادِ مِنْ خِلَالِ مِلَفَّيْن: اِسْتِرْدَادُ الأَمْوَالِ المَنْهُوبَة، وَقَضَايَا اسْتِرَاتِيجِيَّة مِثْل مُحَاوَلَة دَمْجِ مَبَادِئِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ فِي مُحَارَبَةِ الفَسَادِ بِمَنَاهِجِ التَّعْلِيمِ؛ لِإِخْرَاجِ جِيلٍ قَادِرٍ عَلَى مُحَارَبَةَ الفَسَادِ، وَاعٍ بِمَهَامِّهِ وَمَسْؤُولِيَّاتِهِ، وَهَذَا يُشَكِّلُ مهمَةً رَئِيسَةً مِنْ المَهَامِّ الَّتِي قَامَ عَلَيْهَا “مَرْكَز حُكْمِ القَانُونِ وَمُكَافَحَةِ الفَسَادِ” الَّذِي أَخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ مَهَامَّ مُحَارَبَةِ الفَسَادِ، بِالسُّبُلِ الأَكَادِيمِيَّةِ والتوعوية المُخْتَلِفَةُ، فِي سَبِيلِ نَشْرِ الثَّقَافَةِ القَانُونِيَّةِ دَاخِلَ المُجْتَمَعِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيَامُهُ بِإِطْلَاقِ المُبَادَرَةِ الأَكَادِيمِيَّةِ لِمُكَافَحَةٍ الفَسَاد بِالتَّعَاوُنِ مَعَ مَكْتَبِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ المعني بمُكَافَحَةِ المُخَدِّرَاتِ وَالجَرِيمَة، الَّتِي بَدَأَتْ بفِكْرَة، ثُمَّ مَا لَبِثَتْ أَنْ اِنْتَشَرْتُ فِي كَافَّةٍ أصقاع الدُّنْيَا، وَانْبَثق عَنْهَا لَجَانَ العَمَلُ المُخْتَلِفَةُ، وَحَقَّقَتْ الكَثِيرُ مِنْ الإِنْجَازَاتُ الأَكَادِيمِيَّةَ المتنوعة.
انطلقت فكرة هذه المبادرة منذ عام 2013 وأول من بدأها سعادة النائب العام القطري الدكتور علي بن فطيس المري – المحامي الخاص للأمم المتحدة لمكافحة الفساد وذلك أثناء كلمة له في جامعة حمد بن خليفة بدولة قطر، ثم أخذ المركز على عاتقه السير بهذه المبادرة وبدأت الشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وبدأ تكوين مجموعات عمل للسير بهذه المبادرة.
هذه المبادرة ليست مبادرة سياسية، ولا تحقيقية، ولا قضائية ولا جنائية، إنما هي مبادرة أكاديمية تركز على دور أساتذة الجامعات في مجال مكافحة الفساد وفي خلق التوعية اللازمة بهذه المبادئ انطلاقا من مرجع أساسه القانون ومنطلقه حكم القانون وسيادته. وحققت المبادرة العديد من الإنجازات تباعاً وأهم ذلك وجود مقرر نموذجي يستعين به من يدرس مقرر مكافحة الفساد بجميع لغات الأمم المتحدة الرسمية، وانبثق عن هذه المبادرة مجموعات عمل في كافة أرجاء المعمورة ومنها مجموعات عمل في كل من الدول العربية، أوروبا، الأمريكتين، دول الاتحاد السوفييتي السابق، الدول الإفريقية.
حيث كنا في المبادرة نُجري اجتماعات دورية في دولة قطر لكل المشاركين في هذه المبادرة، ثم ارتأينا التركيز على مجموعات العمل في هذه المناطق الجغرافية المختلفة.
ويأتي لقاءنا اليوم استكمالاً لعمل هذه المبادرة وخطوة من خطواتها آملين أن يكون لملتقانا ونقاشاتنا مع أساتذة متميزين النتائج والتوصيات التي تطور من عمل المبادرة سعيا أن يكون لملتقانا القادم تقييم لهذا كله وخطوات حقيقية في سبيل تحقيق الغاية من هذه المبادرة والسير بها.
حفظكم الله جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته